الاثنين، 29 أغسطس 2011

سقوط دولة الاكاذيب


وقضى الامر الذى فيه تستفتيان وسقطت "دولة الأكاذيب" كما وصفتها نيويورك تايمز أو "الديموقراطية الوحيدة فى العالم" كما كان يسميها معمر القذافى، قبل أيام من الذكرى ال 42 لإحتفالات إنقلاب العقيد والتى سماها ثورة الفاتح العظيم.آليات التفكير عند القذافى كما يراها  الكاتب الكوميدى على سالم، هى أن الدنيا ساحة للكذب والكذابين،فلأكن اعظم الكذابين، أما الصدق والشرف الإنسانى والشفقة والحرية والرحمة وحقوق الإنسان فهى جميعا بضاعة الضعفاء والأغبياء ولست منهم، فالناس جميعا أوغاد ولا تصلح معهم هذه البضاعة.
إذا تحدثنا عن إنفرادات القذافى فلن ننتهى، فهو حقق اطول سنين لحاكم غير ملكى فى التاريخ، وكان أقدم حاكم على وجه الأرض لحظة سقوط حكمه،بل أنه حقق رقما قياسيا آخر بأنه أطول حاكم منذ أبينا آدم يحكم شعبه لمدة 42 عاما وهو مجنون وسيكوباتى ونرجسى وشخص مضطرب بشكل استثنائى ويعانى من عقد النقص ويمتلئ عقله بالضلالات والهلاوس التى يسميها فكر، هو كذلك أول حاكم فى التاريخ يقيم تمثالا لكتاب ويفرضه على شعبه ومثقفيه  وسياسييه وتلاميذ مدارسه وأعلامه بالقوة،هو أول حاكم يمنح أبنته أعلى رتبة عسكرية فى البلاد" رتبة فريق"  وهى لا تهتم سوى بالازياء والمكياج والعبث واللهو والضلالات مثل والدها، هو كذلك أنفرد بتقديم اطول خطاب على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة حتى أن المترجم أغمى عليه من كثرة الكلام وغاص الوفد اليابانى فى نوم عميق، وأيضا انفرد بتمزيق ميثاق الأمم المتحدة من فوق منبرها،أنفرد أيضا بإحاطة نفسه بحوالى 400 من الحارسات الرشيقات والممرضات الحسناوات حنينا لعصر هارون الرشيد، وأيضا بخيمته الشهيرة التى نصبها فى قلب باريس وروما وامستردام ، انفرد بازيائه المثيرة للسخرية والمعبرة عن جنونه واطواره الغريبة المتقلبة وشخصيته الزئبقية،هو أول حاكم فى العصر الحديث يدعو رؤساء طوائف دينية إلى اعتناق الإسلام كما حدث أثناء زيارة البابا شنودة له،كما استدرج الحسناوات ودفع لهن الرشاوى لدخول الإسلام وكأن الدعوة للإسلام لا تجوز إلا للحسناوات فى الغرب، هو كذلك أغنى رجل فى العالم بثروة تزيد عن 131 مليار دولار كما ذكرت وثائق ويكيلكس،وأخيرا وليس آخرا هو الحاكم الوحيد فى التاريخ الذى يقوم بتأليف تقويم زمنى ويسمى أحد الشهور بأسم أبنه وشهر آخر بأسم صديقه حيث سمى يناير «النار»، وفبراير «النوار»، ومارس «الربيع»، وابريل «الطير»، ومايو «الماء»، ويونيو «الصيف» ويوليو «ناصر»، وأغسطس «هانيبال» وسبتمبر «الفاتح» واكتوبر «التمور» ونوفمبر «الحرث» وديسمبر «الكانون»..
أما إذا تحدثنا عن القابه فهى أيضا تحتاج إلى دراسة نفسية لتحليلها، فهو قائد ثورة الفاتح العظيم،ورئيس الاتحاد الأفريقى، وملك ملوك أفريقيا،وأمام المسلمين، وأمير المؤمنين، وأمين عام القومية العربية، وعميد الحكام العرب،وقائد الثورة، والاب الروحى للجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى،ومفجر النظرية العالمية الثالثة... والمفكر اللوذعى.
أما شعبه فهم جرذان ومهلوسين ومقملين وجراثيم وكلاب ضالة واوغاد لعنة الله عليهم، فقد تناولو 36 مليون جرعة من العقاقير المهلوسة قبل أن يثوروا عليه كما أوحى اليه خياله المريض.
أما بالنسبة لجرائمه فلا يوجد عمل مجرم فى القانون الدولى إلا وقام به القذافى، ولا توجد جماعة إرهابية فى العقود الأربعة الأخيرة إلا ودعمها القذافى ربما بأستثناء القاعدة، فهو زعيم عصابة قام بكل الأعمال المحظورة، وسيكوباتى من النوع النادر شديد القسوة، وثعلب مجنون يتفنن فى إيذاء خصومه، وعقلية عدوانية خربة تبحث بإستمرار عن الهدم والتخريب.
ومع هذا لا يخجل القذافى ويتهم العرب بأنهم خانوه فقط لأن بعضهم لم يوافقوا على إبادته لليبيين، فى حين أنه هو الذى وقف مع صدام مؤيدا غزوه للكويت، واجتاح تشاد، وقتل الأمام الشيعى موسى الصدر، وتأمر لقتل ملك السعودية، ودعم البليساريو، ووقف مع صدام ضد العراقيين، ووقف ضد ثورتى مصر وتونس ، ودعم حركات إرهابية عدة فى الدول العربية، وتدخل فى شئون مصر والسودان والمغرب وتونس وفلسطين...
بعد عقود من رحيل الإستعمار الغربى سعى المواطنون لطلب النجدة من الإستعمار القديم للخلاص من الإستعمار الداخلى والذى فاقت قسوته كل تصور، فلم يضرب الاستعمار الغربى الشعوب بالغازات السامة كما حدث من صدام حسين،ولم يسوى الاستعمار القرى بالارض مستخدما الدبابات والمدفعية كما فعل حافظ الأسد فى حماة، ولم يضرب الاستعمار الشعب بجميع أنواع الاسلحة الثقيلة كما فعل القذافى الذى قتل فى يوم واحد 1200 سجين أعزل فى سجن ابو سويلم عام 1996 وقتل اكثر من 20 الف مواطن فى الاحداث الأخيرة، ولم يستخدم الدبابات والمدفعية الثقيلة  ضد المدنيين العزل كما يفعل بشار الأسد فى سوريا، ولم يبيد مناطق باكملها كما فعل البشير فى دارفور، ولم يخرب كل شئ فى البلد كما فعلت طالبان،ولم ينكل بالشعوب ويبدد ثروتها على دعم الإرهاب العالمى كما يفعل خامنئى ونجادى.
يعتبر القذافى واحدا من اسوأ اربعة حكام فى العالم فى القرن الحادى والعشرين وهم صدام حسين ومعمر القذافى وعمر حسن البشير وخامنئى- نجاد فى إيران، ومهما إن قلنا فلم يكن فى استطاعة الشعوب التخلص من هؤلاء الأوغاد بدون دعم خارجى، وها هو الغرب الكافر هو الذى يخلصهم من وغدين ويضعف الثالث ويحوله إلى المحكمة الجنائية وننتظر منه التخلص من رابعهم فى إيران، فلولا تدخل الناتو بشن 7500 غارة  مركزة على أهداف عسكرية علاوة على السلاح والذخيرة والمعلومات الدقيقة التى قدمت للثوار، لما سقط نظام القذافى.
من حق الكويت أن تبتهج فها هم الحكام الذين وقفوا مع صدام عام 1990 وصوتوا ضد إدانة غزو صدام للكويت فى القمة العربية بالقاهرة فى أغسطس 1990  يغيبون عن المشهد واحدا وراء الآخر فى ليبيا واليمن والعراق وموريتانيا ومنظمة التحرير والسودان ويبقى الجزائر والاردن فى الطريق.
أستهلك القذافى ثمانية من رؤساء أمريكا وهم نيكسون وفورد  وكارتر وريجان وبوش وكلينتون وبوش الأبن واوباما، واكثر منهم من قادة إسرائيل.
 من مفارقات القدر أن السنوسى كملك مات فقيرا وفاروق كملك مات مفلسا عاجزا عن دفع مصاريف مدارس أبناءه أما الرؤساء فلديهم ثروات طائلة، فالقذافى لديه ثروة تقدر 131 مليار دولار منها 30 مليار دولار فى أمريكا كما صرح جون ماكين علاوة على أن صندوق ليبيا القومى والذى يقدر ب 70 مليار دولار مودعا بأسمه أيضا، أما مبارك فهو يحتفظ بثروة تتراوح من 20 إلى 70 مليار دولار، ومعظم رؤساء الجمهوريات العربية مليارديرات، وكما يقول برنارد لويس فى الغرب يتجه الناس إلى السياسة بعد تكوين ثروات وتحقيق نجاحات وفى الشرق يقفز العسكر الفقراء الصعاليق على السلطة ليستحوذوا بعد ذلك على الثروة والسلطة والسياسة.
 اتخيل الصحاف كان يقهق وهو يستمع إلى استعراضات سيف الإسلام القذافى ليلة سقوط بغداد، فمن أحمد سعيد فى صوت العرب إلى صوت الصحاف فى العراق إلى ليبيا القذافى إلى سوريا بشار الاسد الذى صرح مؤخرا بأن لديه قدرات خفية سوف يستخدمها إذا تعرض للهجوم....   كلهم فى الكذب شرق.
 يصف المفكر السورى برهان غليون نظام بلاده بقوله أن الكذب والغش الفكرى والسياسى والاخلاقى تحول إلى ايدولوجية رسمية للنظام، فهذه هى طبيعة النظم الفاشية المستبدة فى التاريخ يا سيدى ولا تقتصر على سوريا وحدها من كاليجولا فى روما إلى شاوشيسكوا فى رومانيا، ومن الخلافة الأموية إلى الخلافة العباسية والعثمانية، ومن ستالين وهتلر إلى جعفر النميرى، ومن البشير ومعمر القذافى إلى خامنئى ونجاد.
ختام الكلام : بالتأكيد العالم أفضل بدون القذافى.   
مجدي خليل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق